كينونة التعبير وبلاغته في ظل متون النقد في قصيدة نزيف الملح
كينونة التعبير وبلاغته في ظل متون النقد في قصيدة نزيف الملح
للشاعر حماد الشايع
/ بقلم نبيل طالب علي الشرع
المقدمة
.............
البعث والإحياء من وجهة نظر الشعور هي خاصية التكتل المنتج في ساحة الأحوال التي تساوق وجود الشخصية الإنسانية في ظل ما يؤطرها من هالات ,
لذا يتفرد الحس الشعري لدى الفرد بالقالب الذي ينشر من خلاله هوية مكنوناته تجاه الواقع أو الخيال من هنا نفتح الباب على نص منمق يستقل برسم الكينونة الأدبية أملا يتوجه اللفظ البديع والمعنى النقي منطلقا من عنوان يسرح في كهف الرؤيا ليقول الشاعر حماد الشايع عن عنوانه (( نزيف الملح)) , كيف يمكن لوحدة كائنة بذاتها أن تنزف نفسها ملحا ؟؟ .
المتن الأول
...........
يبدأ الولوج الى قضية وطن يمثل لذات الشاعر طريق ملون مابين آه دائمة أو إرث صارخ بكل عنفوان الوجود :
* نزيفك ابيض وهواك جرح
لأنك يا عراق الأرض ملح / تنتمي هذه القصيدة بعتبتها الى مدرسة الإيحاء التي تركز على نمط الإصالة في الشكل والمضمون فتعطي للمعنى هويتين متوازيتين الأولى ( المنطلق الاول ) هوية اللفظ المستسقى من الغاية الذهنية بحيث يكون مقبولا مفهوما وبنفس الوقت يبحر الذهن معه الى شواطيء المعنى الناصع مابين المفردات التي خرجت لنا (( الصراخ / حالة قد تكون في استعمالها المعتاد تريد أن تروي وجعا لكن في توظيف الشاعر لها هاهنا جاءت ميدانا للقاء مع العنفوان ))
المنطلق الثاني هو حكاية الحالة الشخصية للوطن (( نزيفك أبيض )) فتعود المفردات الى بدايتها في الحديث عن لون التعبير الأبيض ))
ثم تطير الرؤيا المعمقة في سماء البيان لتستقي مفردات التوضيح والتوظيف ( الذر / الموائد / الاصطبار / الكشف / الليل / الدجى / الصحوة ) فتنعقد المعاني بكينونة التعبير الحر لا تكلف ولا إسقاط خائف بل التكاتف الإسلوبي تفرد بمزاج يجعل الجمع بين كل هذه التعابير تفرد مطلق لا يتوقف عند مجرد النظم بل يفعل في ذهنية المتلقي مشاعرا تؤلف له جبروت النص.
تذر على موائدنا اصطبارا
وتكشف ليلنا الداجي لنصحو
المتن الثاني
..............
السرور في ظل الشعر كون لطيف يتالف من مهارة التأويل ودقة الهدف لأن الشارح الأول لأي قصيدة هو نفس الشاعر وحتى يطلع لنا الرفد البياني يجب على الشاعر أن يجعل طيات أبياته بمعزل عن غموض الوحي وهذا ما توشحت به نبضات المقطع الذي وصلت إليه مسيرة المتن إذ يقول :
وتقطع افق خيبتنا ليندى
على وجه التراب الحر صبح
فمذ كانت خطوط الارض وهما
يدون إسمك المعطاء لوح
ومذ رسمت يدا قابيل وجها
ملامحه بصمت الليل قبح
الإندكاك الرؤيوي بين لفظة ( خطوط / لوح ) وما بينهما من حشو أدبي فائق القصد شجن فريد الإطراء .
تنادتك السيوف وكنت صدرا
على اسواره كم ريع رمح
تؤرجحك الاماني واشتهاء
فتغدو الصفح ان اغراك ذبح
التناص مع واقعية الحدث لا مع أثر ادبي آخر هو حرفة قل من يجيدها من الشعراء لكن الهوية التي دلعتها لنا قصيدة نزيف الملح في مهارة الجسد النصي فجاءت النمطية الحية كما نقرأ :
قبضت براحة خوف انتهاء
حرثت الظن .. والأحلام قمح
فما أعرضت عن صبح صدودا
وفجرك في سنا الاشراق لفح
الفلاح الذي آسسه النفس المدون في هذه الوصلة الفائقة يجبر الذهن بكل قريحة الإنفعال أن يقول اخبارا وإنشاءا منتفع ومتوهج مع وهج النص .
المتن الثالث
............... القراءة المبدعة هي التي تعدل تماس طبقة الثقافة مع مؤهل التوغل في رشف الإنتاج الشعري إذ نقصد قراءة الشاعر نفسه لواقعية الموضوع كل هذا فتح لنا مثالية ربط بين ماهيات التاليف ( الاتي / هلال / صبر / نجم ) لم يقبع الشاعر في حجب النمط الواحد بل أنه رصف لنا الجودة الثورية في سيرة التقدم الفذ
ولا اهللت للآتي هلالا
ولا نجما وعيد الصبر فصح
بعدها يختتم الحديث عن كمية الوضع الإشكالي والتوقع المنسجم ليجمع أفقي الظابطة الأدبية فكانت ختاما استباقيا .
أيا وطنا نتوق الى عناق
ليوقف نزفك المدرار صفح
فذوب ماتراكم من خطايا
ليعلو في سماء الود جنح
لقد كانت الحروف تجعل المعنى وتربيه بسمفونية الوعي هكذا طفت سفينة الشعر لدى الشاعر على ميناء الرؤيا ..
انتهى ...
ليست هناك تعليقات: