على رصيف الزمن
على رصيف الزّمن
د. إبراهيم محمد جواد
قالت تهجَّ فقلت أُحجبةٌ إذن
هَـرِمَ الزّمانُ ومـال عنـه زمانـي
ما زلتُ أُثقلِ دمَّ أوردتي هوىً
و أهـيمُ بـين فـرائـدي و بيـانـي
كم نخلةٍ سجدتْ لقدسِ قصائدي
كـم بلبـلٍ غنّـى صـدى ألحانـي
مـرّت علـى البستان نسمة أحرفي
فتنـاغـما: عطـري وغصـنُ البانِ
وظللتُ أنثـرُ ياسميني في المدى
ويلملـمُ الشُّـعراء مـن رَيحـانـي
حـرفٌ توضّـأَ مـن بحـار وضـاءةٍ
عكسـت مـرايـاهـا مـن القـرآنِ
أنا إن وقفتُ علـى المنابـر شادياً
فالحرفُ يـبرقُ قبـل رعـدِ لسـاني
كنـتُ الرّبيعَ بكلِّ فصلٍ والسّـنا
فـي قوس قَزحٍ كان من ألوانـي
ونسائـمُ الفجـرِ الجميـلِ تمـايلـتْ
ويمـوجُ فــي بحـر الضِّيا إيمانـي
أنا طائـرٌ غِرّيـدُ كنتُ فما الذي
قصَّ الجوانـحَ خاطفـاً عنواني؟!
الدّهـرُ حمّلني المواجعَ والضّـنى
وهُمومُـه استشرتْ علـى الميدانِ
ما للشّتاءِ يميـس فـوق عواتقي
وعلى الرّصـيف المزمهـرِّ رماني ؟
وتمـرّد الحـرفُ الشّـقيُّ مـزمجـراً
وبسـيفه العـاصـي يقُـدُّ كيانـي
إن كان عيدُ الفطر جاء ولـم يجِد
منّـي احتفالاً، وانقضـى رمَضـاني
فلِمَ البقاءُ إذن وكلُّ جوانحي
وجوارحي تبكي علـى بنياني؟!
السِّــنديـانــةُ ودّعـت بسـتـانَهــا
و سـرت بترحـابٍ إلـى الـدّيّـانِ
يا عيـدُ قـل لجميع أحبابـي لقد
حان الوداعُ وهُدِّمت أركاني
المـوتُ أقبل حاملاً سـيف القضـا
و لقـد تـوانـى عنـه حـدُّ سِـنانـي
يا ربِّ عفوكَ إنّ ظهريَ مُثقَلٌ
مّما أدالَ بــه غِـوى شـيطانـي
فـأرى بأنـي ليس لـي من شافعٍ
غــيرَ النبـيِّ و عُصـبةِ الـرّحمـنِ
فأنا بهم يا ربِّ أرجو رحمةً
تسـري بروحـي جنّـةُ الرّضوانِ
و لــديَّ آمـالٌ بــدرب مسـيرتـي
أنّـي أمــيرُ البطـشِ بالسُّـفيـانـي
و أكـونُ سـيفاً تحـت رايــةِ قـائـمٍ
يحيـي العبـادَ بمنهـجِ العـدنـانـي
3 شوال 1441هـ
26 أيّار 2020م
د. إبراهيم محمد جواد
* * *
No comments: