ماذا تعرف عن قرية الشيخ ابراهيم
قرية الشيخ إبراهيم
الكاتب رشيد عبد القادر الرشيد
قرية كبيرة خصبة كثيرة البساتين يمتهن اهلها الزراعة ، تتبع ناحية المحلبية إدارياً اذ تبعد عنها 5 كم غرباً ، وتبعد 25 كم جنوب شرق مركز قضاء تلعفر ، وتقع على السفح الجنوبي لسلسلة تلول الابراهيمية او ما يعرف اليوم بجبل الشيخ ابراهيم ، تجاورها تلتا مسعود ومگرود شرقاً وتلال بوخور غرباً ثم مرتفعات تلعفر وجبال ساسان
تسمى في الدوائر الرسمية بـ ( الابراهيمية ) نسبة الى الشيخ ابراهيم العمري احد الاولياء المشهورين فيها والذي يُظن انه من سلالة الخليفة عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) ، كما يسميه آخرون الشيخ ابراهيم الخرفاوي ، وهناك جبل إلى الشمال الشرقي من القرية اشتقت تسميته منها وهو جبل إبراهيم يبلغ ارتفاعه (536) متراً
تاريخ القرية
للقرية تأريخ قديم بسبب موقعها الستراتيجي الواقع على طريق الحرير مما يدل انها كانت مأهولة بالسكان في العصور الوسطى ، إلاّ ان الاستيطان تقلص فيها بعد ذلك بسبب غزوات الاقوام والأعراب ، ومما يؤكد ذلك وجود قرية خربة قد اندثرت معالمها ، ولم يبقَ منها إلاّ آثار في التلال الغربية منها
وقد ازدادت اهميتها في العهد العثماني فأصبحت مركزا للاستيطان البشري ، فكانت مزرعة كبيرة موقوفة باسم الدولة عرفت في سجلات القيد العثماني بـ ( شيخ ابراهيم مزرعه سى ) اي مزرعة الشيخ ابراهيم ، وقد استمر هذا الوضع الى يومنا هذا عندما تطور شكل المستوطنة الى قرية وأصبحت من ضمن الممتلكات الاقطاعية لعشيرة علي دولت بتوليهم حق التصرف فيها بموجب نظام المالكانة بسند خاقاني عثماني
توجد اثار تأريخية في المرتفعات الغربية منها كمرقد الشيخ ابراهيم وآثار جامع منهدم وبناية ضخمة مسورة كانت ثكنة عسكرية في العهد العثماني وتسمى ( قشلاق ) بنيت على انقاضها مدرسة القرية الابتدائية ، وهناك بعض الابنية المتهدمة المتفرقة هنا وهناك
عين المـاء
تنبع مياهها من كهف واسع بين التلال ويقصدها الناس صيفاً للاستحمام تخلصاً من حرارة الصيف ، وكانت على مياهها الجارية - فيما مضى - ارحية ومزارع - كما يقول ابن الخياط الموصلي - اما الآن فهي تسقي البساتين جنوبي القرية حيث تكثر فيها اشجار الفاكهة المتنوعة من التين والرمان والزيتون وغيرها
وصف مرقد الشيخ ابراهيم لأبن الخياط الموصلي المتوفى سنة 1285 هجرية :
من كبار الاولياء لله تعالى ، يتحاماه قطاع الطريق فلا يتعرضون لمن يكون فيه ، وعنده قرية خربة قد اندثرت معالمها وبفي منها آثار ، وعنده عين جارية كانت عليه ارحية ومزارع ، وله عقار كبير وله اسم في الدولة العليّة ، ويتولى نظارته رجل من اهل الموصل ويزور قبره الشريف المسلمون كثيراً ويتبركون به ويرون بركته ، ويُحكى عنه كرامات خارقة
كما ورد ذكر المرقد في كتاب ( ترجمة الاولياء في الموصل الحدباء ) للمؤرخ الموصلي احمد بن الخياط الموصلي حيث جاء فيه :
الشيخ إبراهيم العمري ، هكذا يقول بعض الناس : إنه عمري مشهده خارج الموصل بين تلعفر والمحلبية يتحاماه قطاع الطريق فلا يتعرضون لمن يكون فيه وعنده قرية خربة قد اندثرت معالمها , وبقي منها آثار ، وعنده عين جارية كانت عليها ارحية ومزارع ، وله عقار كبير واسم في الدولة العلية ويتولى نظارته رجل يزعم انه من أولاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( من أهل الموصل ) ولا احقق ذلك ، وليس للمذكور في شجرتنا اسم , ولا أعلم إلى من ينتهي نسبه , ويحكى عنه كرامات خارقة ، وتأثير فيمن هتك حرمته او تعدّ على جاره أو على نظاره ، والله أعلم
وللقرية تاريخ مجيد في مقاومة الانكليز ، فقد ساهم اهلها في ثورة تلعفر سنة 1920 وساعدوا جميل المدفعي وافراد قوته المنسحبة بالمؤن ، وهم في طريقهم الى دير الزور ، حيث نزلوا في ضيافة الشيخ عبد الرحمن آغا عبد الكريم آل حيدر ، وزودهم بما يقارب (40) طغاراً من الشعير علفاً لحيواناتهم
كما ساهمت القرية في ايواء العديد من الاسر التلعفرية التي نزحت من مركز قضاء تلعفر والقرى المجاورة بعد العمليات العسكرية الواسعة التي شهدتها تلعفر سنتي 2004 و 2005 م
والمعروف عن القرية طيبة اهلها ومبالغتهم في اكرام الضيف ، ويشهد على ذلك اغلب ضباط الجيش العراقي السابق ، اذ ان عناصر الدورات الخاصة بالكلية العسكرية كانوا يمرون بالقرية عن طريق تمارين الفرضية القتالية
مجتمع القرية
غالبية سكان قرية الشيخ ابراهيم هم من عشيرة علي الدولة من فروع : ال حيدر وال كُلي وال جلّو وال خلّو وال وهب ( قلّي ) ، اضافة الى عشيرة قصاب ( فرعي ساعد وقُردي ) ، وبيوتات من عشائر اخرى ال هورج - ال وضحة -ال الله ويردي -بيت ملا علي وهب - ال مردو - ال سلوش وال حنيز وال لوند ، وفي الآونة الاخيرة سكنت القرية قسم من ابناء القومية الكردية منهم اسرة الحاج احمد كرد واسرة السيد اسماعيل كرد ، كما لا ننسى وجود مجاميع صغيرة فيها من قبيلة الحديديين ( الحمرات ) العربية
سكان القرية جمبعهم مسلمون ويتكلمون اللغة التركمانية بلا استثناء ، بما فيهم سكانها الاكراد والحديديين العرب الذين سكنوا فيها مؤخراً ، فقد امتزجوا بالسكان الاصليين وذابوا في نسيجهم الاجتماعي ، وهي لغة قريبة جداً من لغة سكان تلعفر ، والغالب على ازياء اهل القرية وخاصة النساء الزي التركماني
النشاط الاقتصادي
مجتمع قرية الشيخ ابراهيم مجتمع زراعي بإمتياز فالسكان يمارسون منذ القدم مهنة زراعة القمح ( الحنطة والشعير ) كل موسم ، وكانت زراعة القطن منتشرة في القرية حتى ستينيات القرن الماضي ، وتقتصر الثروة الحيوانية في تربية المواشي وخاصة الاغنام والأبقار ، اضافة الى تربية الدواجن
ويمتلك اغلب السكان بساتين للتين والرمان والزيتون التي تبلغ مساحتها قرابة 120 دونماً ، فقد كانت هذه المحاصيل تسوّق وتصدر الى الموصل وتل عبطة وبعشيقة وتلعفر حتى سنة 2010 م ، وما زالت محاصيل الزيتون تباع في اسواق تلعفر حتى اليوم ، ولكن بعد لجوء معظم الاهالي الى الوظائف الحكومية قل الاهتمام بهذه المحاصيل وأصبحت من الامور الثانوية
المؤسسات الرسمية والخدمية
كان هناك مركز صحي في القرية حتى سنة 2014 لم يعد له وجود الآن ، فيضطر السكان الى مراجعة مركز ناحية المحلبية للعلاج
مدرسة شيخ ابراهيم الابتدائية للبنين ، افتتحت سنة 1918 في بناية الحامية العثمانية في القرية ثم انتقلت الى بناية مستقلة سنة 1925 ، وتعد من اقدم المدارس في المنطقة ( الى جانب المدرسة التي كانت في تلعفر ) ، حتى ان الطلبة القادمين من المحلبية كانوا يدرسون فيها
مدرسة شيخ ابراهيم الابتدائية للبنات
وقبل احتلال عصابات داعش القرية كانت فيها مدرسة اعدادية تعذر افتتاحها بسبب عدم وجود طلبتها وهيئتها التدريسية
هناك مسجدان : الاول قديم بناه الشيخ عبد الرحمن آغا عبد الكريم سنة 1945 م ، والثاني جامع اقدم بني سنة 1800 تقريبا وكان يقع في دار السيد عبد الخالق آل حيدر مختار القرية ، ولكن الاهالي حولوه الى مطحنة بعد بناء الجامع الذي ذكرناه ، وهناك جامع ثالث حديث بناه الحاج احمد كرد سنة 2008 عند مدخل القرية
كما ضمت القرية مرقد الشيخ اسماعيل الصوفي ( 1918 – 1997 ) احد شيوخ الطريقة الصوفية الرفاعية قبل ان تدمره مجاميع داعش الارهابية ، وما زال ابناء الشيخ وأحفاده يسكنون القرية حتى اليوم
أوضاع القرية الحالية
تعاني قرية الشيخ ابراهيم اليوم وبعد احداث سنة 2014 م من هجرة سكانها ، فالقرية شبه خالية لأسباب عدة منها : عدم توفر الخدمات الاساسية كالماء الصالح للشرب والطرق المعبدة والمحلات التجارية ( عددها حالياً 3 محلات فقط )
ويتزود الاهالي بماء الشرب عن طريق صهاريج الماء ( التناكر ) ، اما فيما يخص الغسيل وسقي المزروعات والماشية وأشياء اخرى فإن هناك انابيب وخراطيم ممتدة من عين ماء القرية الى البيوت والبساتين والحقول رغم ان ماءها مالح وفيه نسبة عالية من الكبريت
كما ان اتجاه السكان الى الوظائف الحكومية الرسمية اضعف من القيمة الاقتصادية للثروة الزراعية والحيوانية ، وبعد سيطرة مجاميع داعش الارهابية على القرية اضطر السكان الى استهلاك الاشجار والنباتات الموجودة في البساتين مادةً للحطب والتدفئة ، مما ادى الى تقليل مجمل مساحتها
ليست هناك تعليقات: