رسائل من نوع آخر بقلم فرح خلدون
رسائل من نوع آخر
بقلم فرح خلدون
هه.. أحدهم يتوهم بأني مُهتمةٌ لأمرِهِ، ولكني فعلاً مُهتمةٌ لأمرِه، وأخون كبريائي وأبعث لهُ الرسائل ليطمئن قلبي وتهدأ أعاصير نفسي، ولكني لا أستطيع أن أكتب لهُ كما أودُّ أن أكتب، فرسائلي ليست رسائل حُب بل رسائل خيبة، كخيبة شمعةٍ ضحّتْ بِعُمرها لتضيء غرفة أعمى، ورسائلي مهما كانت بليغة فسوف تكون كالطرق على غطاء تابوت.. مهما طرقتَ لن توقظ مَن فيه...
وللأسف البالغ والشديد أنهُ لم يفهم أني حين كنتُ أحادِثُهُ لا ألتفت لهزائمي في مواجهة العالم ولا أهتم لحالة ضعفي الشديد أمام المشكلات التي تعترضُ طريقي لكنهُ لم يفهم، وحين كنتُ أسألهُ ليس جهلاً مني بل كنتُ أختلق الأسباب لأُحادثه لكنهُ لم يفهم، وحين كنتُ أتغابى وأطلب منه تفسير الأمور لم أكُن أُراهق بل كنتُ أُريد أن يطولَ حديثي معه وأحاول سرقة جرعةً من الفرح لقلبي يعيشُ عليها فترةً من الزمن لكنهُ لم يفهم...
وقد كان وما زال قلبي كبيتٍ يحترق وقلبهُ كجارٍ لا يُبالي، يقفُ مكتوف اليدين مُكتفياً بالتفرج، لم يكُن مُهمّاً بالنِّسبةِ له لكنهُ كان قلبي، ولكني أعترفُ أنها كانت غلطتي، فأنا لم أُعطه نصف شعوري، فقد قدَّمتُ له الحُبَّ دفعةً واحدة والشوق دفعةً واحدة والإهتمام دفعةً واحدة، قدّمتُ كُلَّ ما لَديَّ دفعةً واحدة، أستنفذتُ كُلَّ ما لديَّ من المشاعر، كيف بي؟! لم تعُد عندي مشاعرٌ لغيره...
آهٍ آهْ.. تعصفُ بي رياح الحُزن لتذكري ما قالهُ الطبيب "فتكَ بكِ حُبُّهُ يا بنتي، ولا يمكن استئصالهُ من قلبكِ فحُبّهُ مثل مرض الكانسر؛ أُصِبتِ بهِ وانتشرَ في جسدكِ" فأيقنتُ حينها أن لا نجاةَ لي منهُ، وعكفتُ أحقنُ نفسي بمورفين الكتابة؛ لأرتاح مؤقتاً، فأنا بحُبّهِ كمريضٍ يحتضر.. يلجأُ إلى المُسكنات ليسقط في غيبوبة نومٍ عميق بانتظار موتٍ رحيم، أو شفاء يجود بهِ الشافي فينتشلهُ من الألم بأن يبعثَ لهُ جرعةً من ترياق الوصال...
لا أعلم كيف سيروي القصة عن لسانه ولكن صدقوني لو رأى الخراب الذي أحدثهُ بداخلي لقضى عمرهُ وهو يُردد "أنا آسف"، ومن بين كُلِّ أنقاض المشاعر وخَرِبات الألم ورُكام الأسى أقفُ على حجر البُعد والحيرةُ تأكلُ ملامحي
مَن سيجمعُني به في ظلِ زمنٍ انتهت فيه المُعجزات؟
مَن يوصل إليه ضجيج أشواقي وحنيني المُتراكم؟
وتساؤلاتٍ عديدة لا إجابات لها...
رُحماك يا رب.. الشرفات لا تجمعُني به والمدائن تحول بيني وبينه، ما الذي بقي لي؟!
#فرح_خلدون
ليست هناك تعليقات: