الأستاذ الدكتور إحسان دوغرامجى
الأستاذ الدكتور إحسان دوغرامجى
بقلم الاعلامية اسراء قصاب
ولد الأستاذ الدكتور إحسان دوغرامجى في الثالث من نيسان سنة 1915 ، في مدينة أربيل التي كانت جزءاً من الأمبراطورية العثمانية ، ينتمي لعائلة تركمانية مشهورة ومن وجهاء المدينة ، فكان أبوه علي باشا دوغرامجى زاده يتولى حينها رئاسة بلدية أربيل ، وأما والدته السيدة عصمت فقد كانت كريمة محمد علي باشا قيردارزاده النائب عن مدينة كركوك في مجلس المبعوثان العثماني ولسنوات طويلة .
كان الابن الأكبر لدوغرامجى علي باشا ، وهو سليل دوغراماجى قره محمد باشا في زمن مراد الخامس في أربيل, أكمل تعليمه الابتدائي في مدرسة أربيل ابتدائيةسي ، وبعد أن أنهى إحسان دوغرامجى المرحلة الابتدائية التركية في أربيل أكمل دراسته في ثانوية بيروت الأمريكية ليدرس لمدة ثلاث سنوات في كلية الطب ببغداد فيكملها بعد ذلك في كلية الطب باستنبول حائزاً على شهادة الدكتوراه بتاريخ 1938 , أكمل دراساته التخصصية في مستشفى أنقرة النموذجية ومستشفى بوسطن للأطفال بجامعة هارفارد وجامعة واشنطن في مستشفى لويس للأطفال.
في عام 1942 ، التقى وتزوج أيسر هانم ، ابنة شقيق الصدر الاعظم محمود شوكت باشا، ابنة حكمت سليمان بك (الذي شغل أيضًا منصب رئيس وزراء العراق في الثلاثينيات) وكان لدى أيسر هانم وإحسان باشا ثلاثة أطفال : شرمين وعلي وعثمان.
لطالما كانت قيم عائلته مهمة في حياته ومع ذلك ، فإن المهنة التي اختارها أبعدته عن أربيل ، بما يتجاوز المساعي التقليدية لملاك الأراضي الأثرياء.
عمل في مجال كلية طب الاطفال كاخصائي الى جانب البروفسور " Albert Eckstein" في المستشفى نمونه هاستانةسى في أنقرة, واستمر بعد نيل الإختصاص في دراساته في مجال طب الاطفال في مستشفى بيستون للأطفال التابع لجامعة هارفرد بأمريكا ومستشفى ساينت لويس التابع لجامعة واشنطن .
وبعد أن استقر إحسان دواغرمجى مع عائلته في أنقرة سنة 1947، أبدى استعداداً وقابلية متميزة في مجال تخصصه بحيث مكّنه من نيل درجة الأستاذ المساعد سنة 1949 ومن ثم إحرازه لمرتبة البروفسورية " الأستاذ الدكتور " سنة 1955 .
قام إحسان دواغرامجى بتأسيس المعهد الصحي الخاص بطب الأطفال في جامعة أنقرة وذلك سنة 1955، واستمر العمل تحت سقف هذا المعهد حتى سنة 1961 ليضيف الى إنجازاته بتأسيس معاهد عليا في التمريض ، التغذية والسكري ، العلاج الفيزيائي والتأهيل ، وتكنولوجيا الطب, وبدأ بعد ذلك بتاسيس كلية حاجى تبه للعلوم الطبية ككلية ثانية تابعة لجامعة أنقرة والمعهد العالي لطب الأسنان .
أصبح أستاذًا مشاركًا في (1949) وأستاذًا في (1954) في كلية الطب بجامعة أنقرة و إنشاء معهد صحة الطفل في كلية الطب والعلوم الصحية في مستشفى حاجى تبه و قدم خدمات كبيرة في هذه المؤسسة التعليمية، شغل منصب رئيس جامعة أنقرة (1963-1965) ، ورئيس مجلس أمناء سنة METU 1965-1967، ورئيس جامعة حاجى تبة 1967- 1975.
اما بين الاعوام 1964-1973 فقد كان عضواً في مجلس إدارة المؤتمر الدائم لرؤساء الجامعات ورؤساء ونواب رؤساء الجامعات الأوروبية (CRE)، وعضو مجلس إدارة المؤتمر الدولي للتعليم العالي منذ عام 1981.
تمكن ان يشغل منصب الرئيس والرئيس الفخري لتلك المجالس ، كما قام بفحص أنظمة إدارة التعليم العالي في مختلف البلدان عن كثب، وإنشاء كليات طبية وبرامج تدريبية بمشاركة منظمة الصحة العالمية في الكاميرون - ياوندي ونيجيريا إيف والبرازيل برازيليا وكندا شيربروك حيث كان يعمل مستشارا في تلك الجامعات حسب الترتيب.
بين 10 ديسمبر 1981 و 10 يوليو 1992 ، شغل منصب رئيس مجلس الأمناء في جامعة Bilkent وقد اتقن المرحوم إحسان دوغراماجى اللغة الإنجليزية والفرنسية والألمانية والعربية والفارسية .
في خطوة غير هادفة للربح بدأ بانشاء بنية مماثلة لتلك التي تدرس في الجامعات الأمريكية في إنشاء مؤسسات التعليم العالي الخاصة بالتخطيط والاعمار في تلك السنوات في تركيا أسس معهد صحة الطفل بجامعة أنقرة في منطقة فقيرة في أنقرة.
أصبح رئيساً لجامعة أنقرة سنة 1963 واستمر في مهامه لسنة 1965 حيث تولى رئاسة الهيئة المتولية في جامعة الشرق الأوسط التقنية . وفي سنة 1967 عمل على تشكيل جامعة حاجى تبه وذلك من خلال دمج كلية طب حاجى تبه والمعهد العالي لطب الاطفال وبعد أن أنهى مهامه في رئاسة جامعة حاجى تبه إنتقل الى باريس ليعمل كأخصائي في طب الأطفال بجامعة ديسكارتس .
وفي سنة 1980 دُعي الى تركيا من أجل الإستشارة في تحضير قانون حول تأسيس نظام التعليم العالي في تركيا . وأصبح سنة 1981 أول رئيس لمجلس التعليم العالي التركي حيث آستمر في مهامه لمدة إحدى عشر سنة ، شهد البلاد في عهده تطوراً سريعاً في التعليم العالي من حيث الزيادة في نسبة المؤسسات المعنية بالتعليم العالي وزيادة مطردة في عدد الجامعات في البلاد وارتفاعاً ملحوظاً في عدد المنشورات العلمية .
إن خطوة الاستاذ الدكتور دوغرامجى بتأسيسه لجامعة بيلكنت الوقفية سنة 1984 وترأسه لهيئته المتولية قد شكلت أول بادرة في هذا المجال لتتمخض عنها تشكيل حوالي 50 جامعة وقفية لحد الآن . لقد حضي الأستاذ الدكتور دوغرامجى سنة 1946 بفرصة التوقيع على دستور منظمة الصحة العالمية وهي في طور التأسيس وهو بعد لم يتجاوز السن الواحد والثلاثون من عمره .
وبعد ذلك أصبح مستشاراً لمنظمة الصحة العالمية ليشارك المنظمة في تأسيس مؤسسات ومدارس علمية صحية وفي مختلف مناطق العالم ، وأصبح رائداً من رواد تأسيس المراكز الطبية , وطوال ست سنوات مثّل رئاسة وفد تركيا في البرلمان الصحي العالمي واصبح رئيسا لوفد المنطقة الاوربية في المؤتمر المذكور وأسند اليه بعد ذلك مهام الرئيس الثاني للمؤتمر الصحي العالمي .
وترأس لثلاث دورات لجنة البرامج في " اليونسيف " وفي الوقت الذي شغل ولدورتين رئاسة الهيئة التنفيذية لها، آنتخب رئيساً للمنظمة الدولية لطب الأطفال سنة 1968 في الوقت الذي كان مستمراً في مهامه كمنسق عام للمنظمة ولمدة 25 عاما .
تقلد الأستاذ الدكتور أوسمة كثيرة وحاز على جوائز عديدة ونال نياشين مختلفة من اربع عشرة دولة بينها الولايات المتحدة الأمريكية ، فنلندا ، فرنسا ، انكلترا ، ايطاليا ، اليابان ، ومصر ومنح شهادة الدكتوراه من قبل 26 جامعة, وللأستاذ الدوغرامجى مقالات كثيرة في مجال العلوم الطبية وتولى تأليف كتباً وفصولاً في كتبِ و مواضيع علمية, وفي إجتماع المجلس الأوربي سنة 1998 في فيينا تم تقليده وسام السلام والعدالة والتسامح, كما نال الأستاذ الدوغرامجى أعلى الأوسمة من رؤساء جمهوريات مثل اذربيجان ، الدومينكان ، استونيا ، فلندا ، فرنسا ، ايران ، بولندا ومنح البرلمان المصري ومؤسسات وطنية أعلى الأوسمة للأستاذ الدوغرامجى ، فيما خصه البرلمان التركي الكبير بوسام الخدمة المتميزة .
لقد أمضى الاستاذ الدكتور الدوغرامجى حياته التي قاربت الخامسة والتسعون في حب خدمة الأطفال والشباب وللإنسانية جمعاء ، وسيبقى ذكره خالداً ليس بسبب خدماته في تركيا فحسب بل لعظيم آثاره في كافة المجالات العلمية والصحية والتعليمية ومساهماته الكبرى في تأسيس المؤسسات وفي كافة أرجاء الأرض المعمورة .
وهو المؤسس والرئيس الفخري للهيئة الأدارية لجامعة ( Bilkent) في أنقرة والتي تعتبر من أرقى الجامعات العالمية في العالم, وهو صاحب ورئيس ( Bilkent Holding) والتي تضم أكثر من (50) شركة، وبالرغم من إنشغالاته الكثيرة وإهتماماته المتنوعة إلا أنه بقي شاعراً يهتم بالشعراء والأدباء وساهم في دعم طبع ونشر العديد من الدواوين والكتب الى جانب دعم المؤسسات الثقافية التركمانية .
دخل مستشفى حاجى تبه بتاريخ 9/11/2009 لسوء حالته الصحية وفي قسم الإنعاش حيث وافاه الأجل يوم الخميس الموافق 25/2/ 2010 داعين المولى ان يتغمده برحمته وان يغفر له ويحسن اليه .
ليست هناك تعليقات: