أخـر الأخبــار
Loading...

(نستولوجيا الشعر) محاورة مع نص للشاعرة (هديل الكلابي )

(نستولوجيا الشعر) محاورة مع نص للشاعرة (هديل الكلابي )
بعنوان خذ من بوحي حتى ترضى
............................
بقلم / نبيل طالب علي الشرع
المقدمة
ـــــــــــــ
المعرفة المباشرة تمكننا من ان نكون على اتصال مباشر مع صفات الشئ في لحظة واحدة فعندما ننظر الى القلم مثلا نراه كتلة وجودية محددة وعندما نلمسه نشعر بصلابه وعندما نكتب به نسمع صوتا معينا هكذا هو الاحساس بالكيفيات والاحوال كذلك هوالنص الشعري حين يحاول طرح نظرية تحاكي مافي مشاعر الكاتب وتهدي للمتلقي نمط متسلسل الهدف يبدأ بشرح العلة التي من اجلها كتب النص وينتهي الى توجيه نظر المخاطب الى ماهية الخطاب فالشعر بكل اطواره عبارة عن مكامن تلوينية للشعور وتحديد صورة واحدة لكنها مكثرة الرؤيا ويجب التوفر على قابلية عالية من الايحاء فلا يعتبر الشعر شعرا لا اذا ما تمكن من طرق خلجات ذاتية تحمل عمق المعنى الذي يطرزه الشاعر يقول الأستاذ سركون بولص :
((الشاعر الحقيقي هو الذي يؤمن بالشعر ويجب ان يعد نفسه ذا مهمة كبيرة في التاريخ وان يقدس الكتابة ويخلص لها من كل قلبه ))
لذ نرى ان التعبير عن الحب هذا المعنى النقي يحتاج الى طاقة متنوعة الصياغة لأنه مفتاح الحياة الذي لا يكسر ابد وهو السمه العليا المشعة في الوجود ووسائل التعبير عن كل هذا الأفق تحتاج الى حرفنة فنية وصياغة شماء وهنا نقرأ قصيدة تحكي سطور عشق وتعلق بريئ بعنوان
( (خذ من بوحي حتى ترضى / للشاعرة هديل الكلابي)) .
اشتغالات القصيدة :
الاشتغال الأول
ــــــــــــــــ
الشعر اضافة الى كونه مسؤولية ورسالة هو بحد ذاته نعمة يجب صيانتها واعطائها خلاصة الجهد والانطلاق مع عتبة النص تزيح الجهد وتبلوره نورا يقدح في مشاعر المتلقي فكانت نقطة البداية لدى الشاعرة هي حكاية النفس العاشق :
يا أنتَ حُبكَ يستبيحُ كياني
يا ايها المخلوق من وجداني
خطاب العشق رهن البرائة لا رهن الحديث فهي التي تحدد نمط خروجه ، سيطرة المعشوق على العاشق تحتاج فلسفة غير معقدة والاتيان بالسهل الممتنع والتوظيف الحي والحر للادب فالاستباحة تعني السيطرة المطلقة والتصرف على رغبة المعشوق لا رغبة العاشق .
(هنيئا لمن كان نصيبه هذا العشق )
نقطة الرصانة الادبية تتمحور حول تذليل الدلالة والشاعرة هاهنا اعطت للمتلقي عنوانا براقا للتوصيف والتوضيف
(( الذوق السليم هو العمدة في معرفة حسن الكلمات وسلاستها وتمييز مافيها من وجوه لان الالفاظ اصوات )) كما يؤكد الاستاذ علي الجارم في كتابه البلاغة الواضحة ص10 .
(يا أيها المخلوق من وجداني)
اناقة شرح تقول العاشقة لمعشوقها انت انا الباحثة عنك في داخلي لا خارج مدارات روحي ، الاتحاد المجنون يجعل الخيال يشبع الواقع برقيق الهمس ودقة السبر
( اللقاء ، البوح ، نحو الندرة ).
ان كلا الاتجاهين في الصدر وفي العجز يدلان على ازدهار الاحساس بنزول غيث الحب وكلاهما ينقا الينا صورا من الاشعة اللطيفة في عذوبة وانسجام .
الصور المتفتحة الشرح القابضة على اصول البيان في البيت التالي من القصيدة :
ان الشعور ببحر حبكَ قارب
فهلمَ لي موجاَ من الشطآنِ
يشرح حاجة العاشقة الى ان يكون المعشوق بنفس الإحساس
(( وهو اكثر من هذا ))
الاشتغال الثاني
ــــــــــــــــــــــــ
الشعور واسطة وليست غاية ، غاية لنقل قوة الانجذاب والرمق المتعلق بالآخر ، حواء تحتاج آدم وآدم يحتاج حواء لكن اللغة التي تشرح هذه الحاجـة مختلفة الدلالات والمراحل والمعاني .
اعطني انت بلا تردد دعني اخرج عن شاطئ وحدتي الى بحر حبك ، اسمعني أو دعني امسك شئ ملموس منك في كف إحساسي
استخدمت الشاعرة رمزية عذبة تحكي لنا قصة اشراق الشوق يقول ميخائيل باختين :
(( ان الشعر عمل فردي لا يقبل تعدد الاصوات والرؤى))
هذا الكلام يبدو جليا في مفردات هذا البيت على اساس ان الشاعرة ترى اندماجها مع الحبيب اطارا يحتويهما هما فقط او هذا ما تريده هي لترسم لهما عالما متفردا في مابينهما بعيدا عن الغير اسمعني لاني لا ارى غيرك.
يقول الدكتور انور غني الموسوي في كتابه القصيدة الجديدة
(( الكتابة الادبية عمل انساني راق , ويكون العطاء اسمى وارقى غذا تحققت الابعاد الابداعية في العمل من الاصالة والجمالية والرسالية ص6))
هنا في نمط البيان عند الشاعرة يبرز لنا معالم هذا التوجه حين تقول :
يامن غدا وطنا يُذيبُ هويتي
ماعدتُ اقوى الشوقَ والاحزانِ
فأنا (أحبكَ)ويح قلبي يافتى
أوما سمعتَ بما تلاه لِــساني؟.
التأسيسية الانفعالية في مناحي هذين البيتين كوامن متروضة بتراتيل النفس المتعلق بالآخر
.( الذوبان ، القرب ، الدلال )
اشارات صارخة لا تغيب عن المتلقي خذ من حزني وشوقي الى رحلة لا اراهما بل فقط اريد ان اراك أنت معيتي
لازالت الشاعرة تناغي وتر الشجون وتبرز صيحة الشوق الأحمر الذي يحتاج الى ردة فعل تمحي الاحتياج وتعطي سمة الوفاء من قبل الآخر
(الردم للماضي ونور الحاضر والق المستقبل بالدلالة المطابقية للنص ) اسنتدت الشاعرة في نصها الى المطابقة وفق البحث عن صدى يقارب تكوين الوعي تجاه من تنتمي له .
الاشتغال الثالث
ـــــــــــــــــــــــ
ان الحب والشعر تقبل لشرط الانسانية الذي يجعل من النص محاورة على مساحة البوح تدير الذائقة السامعة نحو جذر المعانات اذ تطربنا الشاعرة بهذا حيث تعزف :
هل عاشق يحيا بدون حبيبه؟
حتى غدوت (كرامتي)وكياني
سألوا كثيراً عن هوية عاشقي
عن ذلك المُنساب في الشريان
يكتم القلب اسمه ، ثورة العشق تجعل المحبوب هو الحـياة هو الدعوة هو الزاد هو نمط الوجود بالنسبة للحبيب
إاياك واسم العامرية إنني اخاف عليه من فم المتكلم
هو التضمن الخارق الذي ما وجد مثله ، الهدية التي تمنحها العاشقة لمعشوقها هي نفسها تمنح نفسها له قدرا وطريقا وهوية ، ممارسة القدرة فكرا وروحا تمركز الهدف وعدم الـخروج عن خارطة طريق النص بل تجعل اكتتاب الحروف ماهية واحدة تجلي لنا عنفوان غرام يستحق ان يخلد
تلسع الشاعرة برقة بتفنن الذهن والمشاعر لا تطفأ جذوة التتبع بل تحاصر النغم اذ تقول :
فاجبتُ انكَ سر بوح قصيدتي
في دفيء حضنكَ جنة الاوطانِ
لو ان صوتكَ قد يُصاغُ بذي (فمٍ)
قبلتهُ الـــــــــــــفاَ بغير توان
ارتعبت الانفاس لا خوفا بل بهجة من تذليل المعنى, انتقالات متقنة واخير تعطي لب ما ارادت ان تبينه لحبيبها على وقع حلم يقضة هكذا ارى مستوى البديع في هذه الابيات لحنا مهيبا تقطر من متلقيه علامات الدهشة وهذا هو العنصر المهم في اي نص شعري حتى يسمى شعرا
اوصلت الشاعرة رؤيتها وارتقت ارتقاءا اسطوريا وجذبت الى عالمها نوادر الصياغة بلا تكلف واستطاعت أن تحقق شخصية تعطي للحنين معناه الحقيقي هندسيا ولغويا ..

...
كتبه نبيل الشرع

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *