أذا أردت أن تعرف شعبا فأستمع الى أغانيه
أذا أردت أن تعرف شعبا فأستمع الى أغانيه
تحقيق زهراء محمود
هل تصلح الأغنية العراقية الحالية أن تكون هوية شعب !!
ـ سعدون جابر: أغنيات " العكربة، وانباك جزداني، والدفن يغمزلي " لاتنتمي للثقافة العراقية
ـ رضا الخياط : هناك أصوات وأغنيات جميلة لكن المشكلة في الكم الرديء !!
ـ الموسيقي علي المشاري : الأيقاع السريع والنغم الواحد أنعكس سلبيا على جمالية الأغنية
بغداد ـ زهراء محمود
لاشك أن ثقافة أي شعب، هي أنعكاس لمستوى تعليمه، وعاداته وتقاليده، فضلا عن طقوسه وأغانيه وموسيقاه، وقد تراكم أرث كبير للعراقيين في هذه المجالات، ميزهم عن غيرهم من الأمم، ألا أن العقود الأخيرة شهدت تراجع في مجال الأغنية، هبطت فيه على مستوى الكلمات واللحن والموسيقى، مما ولد تسائل لدى الكثيرين، هل أن الأغنية الحالية التي يرددها الشباب على ألسنتهم تعبرعن هويتنا ؟ هذا ما سنتعرف عليه من خلال هذا التحقيق الذي أستطلعنا فيه اراء نخبة من المعنيين بالموضوع.
(المايسترو علي الخصاف)، يرى أن " الاغنية بعد الانفلات الذي حدث، والانفتاح الذي تسببت به وسائل التواصل الأجتماعي، جعلها تفقد هوية الأصالة التي تميزت بها في العقود الماضية، مشيرا الى كونها اغنية هجينة يستخدم فيها المطربين نفس النغم، وتتضمن مفرداتها كلاما خادشا للحياء.
*حالة أغتراب
فيما يشير الملحن (جعفر الخفاف)، الى " ان الاغنية هي انعكاس لحالة الشعب الثقافية والنفسية والاقتصادية، وللأسف هناك تراجع في مستوى الأغنية العراقية، تسبب بحالة من الأغتراب، لأنها لاتعبر عن معاناة الناس، ولاتجسد واقعهم مثلما كانت في العقود السابقة.
*خصوصية الأغنية
ويشير عندليب الغناء العراقي المطرب (سعدون جابر)، الى عدد من نماذج الأغاني التي تجسد حالة التدني في الأغنية العراقية الحالية، أذ يقول " ماعلاقة أغنيات (العكربة، ونباك جزداني، والدفن يغمزلي ) بالهوية الوطنية للأغنية. ويضيف " وأذا عدنا الى فترة الأربيعينات والخميسينات والستينيات والسبعينات وحتى الثمانينات) سنجد الحالة المشرقة للأغنية العراقية، التي تميزت بخصوصية تعكس ثقافة العراقيين ونمط حياتهم، تجسدت بكلام جميل ولحن راقي، وبأصوات رائعة ".
وأكتفت المطربة الكبيرة(أمل خضير )بوصف واقع الأغنية بكلمات معدودة، " الأغنية الحالية، لا تمت للثقافة العراقية بصلة ".
*هناك أغنيات جميلة ولكن !
وللمطرب (رضا الخياط)رأيا أخر، فهو يعتقد أن هناك أغاني جميلة، وهناك أصوات جيدة في نفس الوقت، لكن المشكلة في الكم الرديء الذي غلب على النوع، ويوضح ذلك في نسبة مئوية، كل (100) مطرب، تجد ثلاثة جيدين منهم فقط، عازيا ذلك الى أطلاق حرية التسجيل دون قيود وغياب الرقابة.
فيما يرى المطرب (كريم حسين) : الفن بكل أنواعه هو هوية الشعوب..ولكن للأسف ما تمر به الاغنيه الآن وخاصة بعد الألفين تمر الاغنيه بالهبوط اللااخلاقي من كلمة ومن صياغة لحن واداء للأسف. وتابع : عدم وجود رقابه اعلاميه وهذا الشيء تتحمله وزارة الثقافه ونقابة الفنانين والمعنيين في هذا الجانب والسبب الرئيس هو عدم وجود الدولة القوية.
وبين الموسيقي (عمار الغرباوي)، أن " الغناء في الفترة الحالية لا يمكن أن يكون معبرا عن ثقافة شعب، لأن الإيقاعات المستخدمة، ليست عراقية أو عربية أصيلة، فهي هندية أوافريقية". ويتابع " ومع هذا فهناك نقاط مضيئة واستثناءات قليلة جدا، كالاعمال التي قدمها الملحن علي صابر للمطرب الإماراتي حسين الجسمي والمطرب الفلسطيني محمد عساف والمطربتين العراقيتين رحمة رياض وأصيل هميم ".
*الأيقاع والنغم الواحد !!
فيما يوضح الموسيقي (علي المشاري)، ان خصوصية الأغنية بين شعب وأخر، تتحدد تبعا للطابع اللحني، الذي يشمل المقام والايقاع، وخلال السنوات الاخيرة، صارهناك تركيز على الأيقاعات السريعة، والنغم الواحد، مما أثر سلبا على تنوع وجمالية الأغنية.
ويرى الشاعر (كاظم السعدي)، أن الايقاعات الراقصة، هي أيقاعات وافدة، وحالة الاصالة فيها غائبة، الا في القليل من الأغاني، وهي ظاهرة عامة على مستوى الوطن العربي، وليس حكرا على العراق".
ويعزو الشاعر (طاهر سلمان )تراجع الأغنية الى كونها تجارية، تفتقر للأحساس، وأذا عملنا مقارنة بين أغنية ( ياطيور الطايرة) وأغنية ( بسبس ميو)، نجد الرقي في الأولى والتدني في الثانية، والأمثلة كثيرة في هذا المجال.
*تشابه الأصوات
ويؤكد الملحن( علي سرحان)، أن الأغنية العراقية الحالية تواجه أزمة، لأن الشباب الموجودين الآن في الساحة لايرثون، ما موجود من شجن وإحساس وإبداع من الأغاني القديمة، مبينا أن المشكلة الكبرى تكمن في الأصوات المتشابهة، وكذلك التشابه في أستخدام المقام والايقاع الواحد، على عكس ماكان موجودا في السابق، عندما يغني فنان ما تعرفه من لونه المميز، فهذا سعدون جابر وهذا سعد الحلي وهذه مائدة نزهت وغيرهم كثير.
*تفتقر للأصالة
ويؤكد التدريسي (صبري الرماحي)/ أكاديمية الفنون الجميلة ـ قسم السمعية والمرئية / أن الغناء والموسيقى يعبران عن ذائقة وثقافة الشعب. ويضيف " أذا اردت ان تتعرف على شعب، اسمع موسيقاه وأغانيه، لكن اغانينا لم تعد معبرة عن هويتنا، لأن مانسمعه الآن شيء يفتقر للجمال والقيم.
وفي ذات الأتجاه يذهب الباحث الموسيقى (ستار الناصر)، مشيرا الى أن الأغنية الحالية خالية تماما من الاصالة، والكلمات فيها لا تعبر عن الواقع.
ويبين الملحن (محمد زبون)، أن الأغنية هي نتاج واقع، وقد كانت تتناول صور شعرية لبلد ينعم بالأستقرار والأمن والهدوء، فخرجت بهذا الكم من الجمال والعذوبة والابداع.، فيما أنتجت حفنة من الشباب الجاهل بالموسيقى والغناء الصحيح أغنية هابطة، لأن الأغنية بنت البيئة.
تشابه الأصوات
لعل الأشكالية الأهم تكمن في تشابه الأصوات، والمقامات المستخدمة في تلحين الأغاني، هذا مايراه الملحن علي سرحان، مشيرا الى أن المطربين الشباب لم يستلهموا من التراث، لتطوير مواهبهم، بل عاشوا حالة أغتراب وقطع مع الأغاني القديمة الجميلة.
وأضاف " كان المطربون في السابق، كل منهم له لونه الخاص، وأسلوبه في الغناء، أما الأن نجد حالة من التقليد والتماهي، بحيث تجد صعوبة في التمييز بين مطرب واخر
ليست هناك تعليقات: